النصب والاحتيال الإلكتروني- وهم الثراء السريع والحلول السحرية الزائفة

المؤلف: ريهام زامكه09.15.2025
النصب والاحتيال الإلكتروني- وهم الثراء السريع والحلول السحرية الزائفة

في عالمنا المعاصر، ومع الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي والانفتاح على ثقافات متعددة، أضحى النصب والاحتيال على الأفراد أكثر سهولة ويسراً من ذي قبل. فقد تطورت أساليب المحتالين وأصبحوا يتسللون إلى حياة الناس عبر هواتفهم الذكية، مستغلين الإعلانات المضللة، والوصفات الطبية الزائفة، والعمليات المالية المشبوهة، وغيرها من الحيل المتنوعة التي تمكنهم من الإيقاع بضحاياهم بكل سهولة وإتقان.

إلا أن المشكلة الأكبر والأكثر خطورة لا تكمن فحسب في عملية النصب ذاتها، بل في وجود شريحة من الناس يتسمون بالبساطة والسذاجة، والذين ينجرفون بسهولة وراء أولئك الذين يصورون لهم الحياة بألوان زاهية ووعود براقة، حتى لو كان ذلك يتضمن وعوداً بالثراء الفاحش أو الشفاء العاجل أو النجاح الباهر في غضون فترة قصيرة.

غالباً ما تبدأ الحكاية بإعلان دعائي جذاب ولافت، على سبيل المثال: "تخلص من الكرش المزعج في سبعة أيام فقط، وبدون الحاجة إلى ممارسة الرياضة أو اتباع نظام غذائي صارم أو الخضوع لعملية جراحية مؤلمة!".

ثم يظهر شاب رياضي ذو عضلات مفتولة، يرتسم على وجهه ابتسامة واثقة، وهو يحمل في يديه عبوة أنيقة مدون عليها اسم المنتج: "شاي ناسف الدهون!".

فيقوم الضحية بشرائه على الفور ويتناوله بانتظام لمدة شهر كامل، لكن النتيجة الوحيدة التي يحصل عليها هي نفاد صبره وتلاشي آماله، بينما يبقى الكرش العنيد في ازدهار ونمو مستمر.

وهناك آخرون ما أن يشاهدوا إعلاناً عن "منتج عجيب" يدعي القدرة على علاج جميع الأمراض والمشاكل في آن واحد (سبحان الله)، مثل "حب الشباب المزعج، والكلف والبقع الداكنة، وربما حتى أزمة منتصف العمر!"، إلا واندفعوا لشراء هذا المنتج السحري دون تردد أو تفكير. وإذا سألوا البائع عن مكونات هذا العلاج المعجزة، فإنه يجيب بكل ثقة وتفاخر وكأنه طبيب متخصص وخبير: "إنها كلها منتجات وأعشاب طبيعية 100% تم استخلاصها من نبتة فريدة تنمو في جزر الوقواق الأسطورية، تحت ضوء القمر الساطع، ولا يتم قطفها إلا في ليلة اكتمال البدر لتحقيق أقصى فائدة ممكنة!".

ولكن بعد الاستخدام المتواصل لهذا المنتج المزعوم، يصاب الضحية بمرض جلدي خطير نتيجة لاستخدامه مواد غير مرخصة أو غير صالحة للاستهلاك والاستخدام البشري من الأساس.

وهناك فئة أخرى من الضحايا يقعون في شباك النصابين المحترفين الذين يتقنون فن الإقناع والتضليل، والذين يغررون بالناس ويعدونهم بتحقيق الثراء السريع من خلال الاستثمار معهم في مشاريع وهمية، ثم يقومون بالاستيلاء على أموالهم وسرقتها بأساليب ملتوية، ويختفون عن الأنظار فجأة.

فإذا كان هناك شخص يتمتع بقدر معقول من العقل والمنطق، فإنه سيتساءل: لماذا لا يستثمر هؤلاء النصابون أموالهم الخاصة ويحققون أرباحاً طائلة لأنفسهم بدلاً من أن يتوسلوا إلى الناس ويستجدوهم لكي يستثمروا معهم ثم يبيعون لهم أحلاماً زائفة ويستولون على أموالهم بطرق غير مشروعة؟!

أما في عالم عيادات الإنترنت الطبية المريبة، فهناك أشخاص ينتحلون صفة المعالجين ويدعون قدرتهم على الشفاء باستخدام البخور والزيوت العطرية، وقد وصفت هذه الممارسات بأنها من صفات المشعوذين والدجالين لما تنطوي عليه من استغلال واضح وصريح لحاجة الناس الماسة إلى العلاج والتداوي، وذلك دون الاعتماد على أي أسس علمية أو شرعية موثوقة.

ووفقاً لما ذكرته إحدى الصحف المحلية، فقد أعلنت وزارة الصحة في عام 2017 عن إيقاف معالج شعبي كان يدعي قدرته على علاج الأمراض باستخدام أسلوب الكي التقليدي دون الحصول على ترخيص رسمي، وقد تسبب هذا المعالج المخادع في إصابة أحد المرضى بتشوهات جسدية خطيرة، وقد تمت إحالته إلى الجهات القانونية المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه.

وهناك أيضاً بعض المسوقين عديمي الضمير الذين يروجون لبرامج غذائية زائفة تدعي أنها تعمل على تنظيف الكبد والكلى والدم، وربما حتى السمعة السيئة، ويبيعون للناس مشروبات غريبة مثل "الشاي والقهوة" محضرة من نباتات مجهولة قد تضر بصحة من يشربها وتملأ أمعاءه بالسموم والأضرار.

على أي حال، عزيزي القارئ، تذكر دائماً وأبداً أنه لا يوجد دواء سحري يمكن أن يزيل كرشك في يوم وليلة، ولا يوجد استثمار مضمون سيجعلك مليونيراً في غضون بضعة أشهر، إلا إذا كنت تعيش في عالم الأحلام والأوهام أو كنت غارقاً في نوم عميق.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة